Thursday, April 30, 2009

الزراعة المصرية تتحمل فاتورة الدعم

تمر الزراعة المصرية بظروف إحتكارية شديدة القوة والقسوة , ولا يمكن القضاء على تلك الإحتكارات لانها للأسف من جانب الحكومة , فهى تحتكر مستلزمات الانتاج وتحتكر كذلك شراء المحاصيل الرئيسية ومن خلالها تتحكم فى باقى المحاصيل , فالدولة ,عن طريق رغيف الخبز المدعم, تحتكر شراء محصول القمح حيث ان اكثر من تسعين بالمائة من الشعب يعتمد على الخبز المدعم ومن خلال ذلك تسيطر الحكومة على سوق القمح فهى اكبر مشتر للقمح المصرى بل والعالمى وإذا رفضت شراء القمح المصرى فلن يجد القمح من يشتريه ولم تكتف الحكومة بإحتكار شراء القمح فقط بل إمتد إحتكارها ليشمل الذرة الشامية التى تشتريها لتخلطها بالقمح المخصص للخبز المدعم - وهى فكرة لها الكثير من المعارضين - وكذلك إحتكرت الحكومة أخيرا الأرز والسكر من خلال توزيعهما على بطاقات التموين, وأصبحت تجارة تلك المحاصيل تتم مع الحكومة, ولا ضير فى ذلك لو كانت إدارة الحكومة لتلك الإحتكارات إدارة رشيدة , لكن للأسف اثبتت تجربة العام الماضى والموسم الحالى فى محصول القمح فشلا ذريعا ,فقد رفعت الحكومة سعر القمح العام الماضى بنسبة120%0دفعة واحدة(رفعت سعر الأردب من 170 الى 390 جنيها ) وأشعلت نيران الأسعار فى الريف حيث قام ملاك الأرض بمضاعفة الإيجار وكذلك تضاعفت أجور العمالة اليومية وتضاعفت أجور الجرارات والآلات الزراعية وكذلك أجور النقل وغيرها, بل قامت الحكومة ذاتها بمضاعفة اسعار الأسمدة والتقاوى والوقود , ثم كانت الكارثة بتراجع الحكومة عن السعر الذى تسلمت به القمح فى العام الماضى وعاد السعر القديم ولكن لم تتراجع الاسعار الأخرى مما سيؤدى الى خسائر فادحة للزراع , اما بالنسبة للقمح, السلعة الإستراتيجية , فقد إمتنع الكثيرين عن زراعته التى تتم هذه الايام ,وإتجهوا الى زراعات بديلة على أمل الربح دون اى تنظيم أو إرشاد من جانب الدولة مما يهدد بخسائر اخرى لهم إذا زاد العرض عن الطلب,أو بإرتفاع فى الاسعارإذا قل العرض عن الطلب كنتيجة لعشوائية الزراعة الحالية .
فى الغرب وكل دول العالم , تتمتع الزراعة بدعم هائل من الحكومات للأهمية الإستراتيجبة لهذا القطاع وإذا حدث أى تعثر تسارع الحكومة بمد يدها للزراعة لتنقذها , أما الزراعة المصرية فتحملها الحكومة فاتورة الدعم وتحتكرها لتتحكم فى الاسعار وتوفر الغذاء بأدنى سعر ولو من جيوب الزراع وتبدو كانها تمد يدها للزراعة لا لتنقذها ولكن لتغرقها وعندها لن يغرق الزراع وحدهم , وما الحل ؟ الحل سهل يسير جدا... وهو تحويل نظام الدعم الحالى الى دعم نقدى يعطى لمستحقى الدعم ,عندها سترفع الحكومة يدها عن رغيف الخبز والأرز والسكر والزيت وتتخلص من أعباء هائلة , اما الزراعة المصرية فستنهض نهضة كبرى وسنصل عندها الى تصدير القمح وغيره من المحاصيل فهل تفعلها الحكومة وتريح وتستريح ؟
عماد حسام الدين
فلاح - أخصائى إعلام باليونسكو - سرس الليان